كل فترة من فترات حياتي تقول للفترة التي سبقتها : ” سيبو.. انا عاوزو حي ! ” . مثلما يقول المثل المصري . وكأن المستقبل يريديني حياَ ارزق كي يفعل بي ما يريد ان يفعله. هذا المساء الممطر لا يصلح ان اقص لكم قصص عن المعاناه ، يصلح لقصص مثل قصة مغامرتي قبل اكثر من اربعة عشر عام عندما اردتُ ان اتعلم رقصة الفلامنكو ، مغامرة انتهت بالفشل وكل ما جنيته من التجربة فقط حذاء كعب بعلو 10 سنتمتر وقميص وبنطلون مخصص للرقص وفرحة الرقص مع فتاة مصرية كانت مثلي تعتقد ان الاحلام لا تحتاج سوى رغبة وقدرات ذاتية .
اعود الى المثل المصري بعد ان شربت رشفة شاي من يد مرتضى الويتر في المقهى ، الشاي شريك العراقي ، بكل المناسبات وكان من المفترض ان يسمى العراق بجمهورية الشاي الديمقراطية ، في الفترة السابقة من حياتي والتي هي الان مطلوب حياً للفترة القادمة من حياتي كنت اعيش فيها وهمين من اوهام الحياة ، ألا وهما وهم الاكتفاء و وهم القيادة ، بلا اوهام تصبح الحياة ماصخة لا تنجرع .
في هذه اللحظة من كتابة السطر الرابع عشر رشفت اخر رشفة من الشاي ، هذا يدل على ثقافة الاستعجال باكمال الاشياء وفي نفس اللحظة شعرت بحنين الى العودة لشرب السكائر لكنني لازلت اجرب ارادتي الى اي مدى قبل ان تستسلم ، في الفترة السابقة من حياتي كنت اعتقد بأن لا أحد قادر على فعل الاشياء غيري وفي حالة اختفائي ستتدهور الامور ، كنت اعتقد بأني الوحيد الجيد في عملي ومن دوني ستنقلب الدنيا راساً على عقب ، ولم افكر يوم من الايام بان مقبرة النجف مليئة بالاطباء والمهندسين الاكفاء والسياسيين ، المقبرة مليئة بالسراق الماهرين والادباء ، كلهم كانوا يعتقدون بأن الحياة لن تستمر من دونهم .
وهمي الاخر الذي غادرته مؤخرا ألا وهو : انني قادر على الوحدة وقادر ان اسعد نفسي بنفسي وقادر ان اعيش بلا بشر وقادر ان استغني عن الاخر ، الاخر الاخ والاخر الحبيب و الاخر الصديق والاخر من يشبه روحي او يشبه ثقافتي وانتهى الامر و مع تقدم العمر يصبح الاخر عملة نادرة صعب الحصول عليها .
لم يبقى عندي ما اقوله لكم اصدقائي وكل من يقرأ هذه الكلمات ، فاحيانا الاخر يقرا لك في اخر الدنيا ولا تعرفه ولا يعرف شيء عنك اترككم الان على امل ان اذهب لفترة قادمة من حياتي ، فترة تقول للفترة التي سبقتها : سيبو انا عاوزو حي .

 
															 
		 
		 
		 
		 
		 
		 
		